![]() |
الحث على ترك فضول الكلام
الكلام فيما لا يعني (ترك فضول الكلام) الكلام فيما لا يعني: هو أن يتكلم الإنسان بكلام لو سكت عنه لم يأثم، ولم يلحقه ضرر في الحال والمآل، ومثاله: أن يجلس المرء مع جلسائه فيذكر لهم أسفاره، وما رأى فيها من جبال وأنهار، وما وقع له في رحلته، وما استحسنه من الأطعمة والأشربة والثياب، فهذه أمور لو سكت عنها لم يأثم ولم يستضر في حال ولا مآل. والباعث على الكلام فيما لا يعني هو الحرص على معرفة ما لا حاجة به إليه، أو تمضيه الأوقات بحكايات وأحوال لا فائدة فيها؛ (انظر: الإحياء: 3/ 153). وكما أن الخوض فيما لا يعني أمر مذموم، فكذلك فضول الكلام والزيادة فيما لا يعني أمر مذموم؛ قال تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [النساء: 114]. ومعنى الآية: أنه لا نفع في كثير من كلام الناس سرًّا فيما بينهم، إلا إذا كان حديثًا داعيًا إلى بذل المعروف من الصدقة، أو الكلمة الطيبة، أو التوفيق بين الناس، ومن يفعل تلك الأمور طلبًا لرضا الله -تعالى- راجيًا ثوابه، فسوف نؤتيه ثوابًا جزيلاً واسعًا. اعلم - أخي الحبيب - أن رأس مال العبد أوقاته؛ فإن صرفها فيما لا يعنيه، ولم يعُدْ عليه بنفع، ولم يدخر به ثوابًا في الآخرة - فقد ضيَّع رأس ماله، ولا يجني يوم القيامة إلا الحسرة والندامة. • وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على استغلال الأوقات، وترك ما لا يعود على المرء بالخير والنفع؛ فقد أخرج الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مِن حُسن إسلام المرء: تركُه ما لا يعنيه))؛ (صححه الألباني في صحيح الترمذي: 1886)، (صحيح الجامع: 5911). فالكلام فيما لا يعني إن لم يكن فيه ضرر، ففيه الخَسارة من تضييع الوقت والأجر. • يقول الإمام الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله في كتابه "التمهيد" (9/ 200): وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مِن حُسن إسلام المرء: تركه ما لا يعنيه)) من الكلام الجامع للمعاني الكثيرة الجليلة في الألفاظ القليلة، وهو مما لم يقله أحد قبله؛ لأن من حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه من الأقوال والأعمال؛ إذ الإسلام يقتضي فعل الواجبات وترك المحرمات، وإذا حسُن الإسلام استلزم ذلك ترك ما لا يعني من المشتبهات والمكروهات وفضول المباحات (وهو القدر الزائد على الحاجة). فإن هذا كله لا يعني المسلم إذا كمل إسلامه، وبلغ درجة الإحسان الذي أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقته في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سؤال جبريل عليه السلام عن الإسلام والإيمان والإحسان، فقال: ((أن تعبدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))؛ (أخرجه مسلم وغيره). ومَن عبَد الله على استحضار قربه من ربه أو قرب ربه منه، فقد حسن إسلامه، ولزم من ذلك أن يترك كل ما لا يعنيه في الإسلام، واشتغل بما يعنيه من صحة اعتقاد وكمال إيمان وصلاح عمل، وطلب ما هو من ضرورات معاشه، لا قيام لحياته بدونه، من ألوان المباحات، وعلى العكس من ذلك، مَن أضاع نفائس الأوقات فيما لم تُخلَق له باشتغاله بما لا يعنيه، فانصرف به عما ينفعه ويرتفع بمقامه ويبلغ به صحيح الغايات وشريف المقاصد وكريم المنازل، فخسر هنالك خسرانًا مبينًا. ألا وإن من اشتغال المرء بما لا يعنيه: تعلُّم ما لا يهم في العلوم، وترك الأهم منها مما فيه صلاح قلبه، وتزكية نفسه، ونفع إخوانه، ورفع شأن وطنه وأمته، ومنه أيضًا عدم حفظ اللسان عن لغو الكلام، وعن تتبع ما لا يهم ولا ينفع تتبعه من أخبار الناس وأحوالهم وأموالهم ومقدار إنفاقهم وادخارهم، ومن إحصاء ذلك عليهم، والتنقيب عن أقوالهم وأعمالهم داخل دورهم وبين أهليهم وأولادهم، بغير غرضٍ شرعي، سوى الكشف عما لا يعني من خاص أمورهم وخفيِّ أمورهم. ومن ذلك أيضًا - يا عباد الله - تكلم المرء فيما لا يحسنه ولا يتقنه، مما لا يعرف له تخصص فيه ولا سابق إلمام أو خبرة به، ولم يكن مطلوبًا منه التحدث أو إبداء الرأي فيه، وما ذلك إلا لطلب التسلي وإزجاء الوقت وإضاعته وتصدر المجالس وصرف الأنظار إليه، وقد يخرج به ذلك إلى الخوض فيما لا يجوز الخوض فيه من أحاديث الفواحش والشهوات ووصف العورات، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات، ونشر قالة السوء، وبث الشائعات والأكاذيب والأخبار المفتريات، وقد يجتمع إلى ذلك ولعٌ بما يسمى بالتحليلات والتوقعات، المبنية في غالبها على الظنون والأوهام، وكل ذلك مما لا يصح تتبعه، ولا الخوض فيه، ولا الاستناد إليه، ولا الاغترار به، ولا العمل بمقتضاه"؛ اهـ. • ويقول ابن القيم رحمه الله: "وأما فضول الكلام فإنها تفتح للعبد أبوابًا من الشر، كلها مداخل للشيطان؛ فإمساك فضول الكلام يسد عنه تلك الأبواب كلها، وكم من حربٍ جرتها كلمة واحدة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: ((وهل يكُبُّ الناسَ على مناخرهم في النار إلا حصائدُ ألسنتهم؟!))؛ (رواه الترمذي). وأكثر المعاصي إنما يولدها فضول الكلام والنظر، وهما أوسع مداخل الشيطان؛ فإن جارحتيهما لا يملان ولا يسأمان، بخلاف شهوة البطن؛ فإنه إذا امتلأ لم يبقَ فيه إرادة للطعام، وأما العين واللسان فلو تركا لم يفترا من النظر والكلام؛ فجنايتهما متسعة الأطراف، كثيرة الشُّعَب، عظيمة الآفات"؛ اهـ (التفسير القيم: ص627). |
رد: الحث على ترك فضول الكلام
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك وأسال الله لك التوفيق دائما وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة وأن يثبت الله أجرك ونفعنا الله وإياك بما تقدمية |
رد: الحث على ترك فضول الكلام
جزاك الله خير الجزاء
ونفع الله بكم وسدد خطاكم وجعلكم من أهل جنات النعيم سلمت يداك لروعة الانتقاء الله يعطيك الف لروحك جنائن الورد :724: |
رد: الحث على ترك فضول الكلام
جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة وأجـــــــــزل لك العطـــاء |
رد: الحث على ترك فضول الكلام
شكرا على إختيارك الجميل والمفيد
جزيت خيرا وبارك الله فيك ونفع بك يعطيك العافية وفي ميزان حسناتك يارب |
رد: الحث على ترك فضول الكلام
بارك الله فيك على الطرح القيم جزاك ربك خير الجزاء وجعله في ميزان حسناتك دمت بحفظ الرحمن سمأأأأأرا |
رد: الحث على ترك فضول الكلام
يعطِـــيكْ العَآفيَـــةْ..
عَلَـــىْ روْعـــَــةْ طرْحِـــكْ’.. بإآنْتظَـــآرْ الَمزيِــدْ منْ إبدَآعِكْ .. لــكْ ودّيْ وَأكآليلَ ورْديْ |
رد: الحث على ترك فضول الكلام
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك .. آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !! دمت بحفظ الله ورعآيته .. لِ روحك |
رد: الحث على ترك فضول الكلام
جزاك الله كل خيرًا
وجعله الله في ميزان حسناتك لاعدمنا جديدك |
رد: الحث على ترك فضول الكلام
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه احترامي |
الساعة الآن 07:55 PM. |