مميز

مميز (https://www.mmayz.com/index.php)
-   •~ نبـي الرحمه وصحابته ~•
(https://www.mmayz.com/forumdisplay.php?f=35)
-   -   (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) .. تخليدٌ في سِفرِ المجد (https://www.mmayz.com/showthread.php?t=167398)

˛ ذآتَ حُسن ♔ 11-21-2021 09:27 AM

(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) .. تخليدٌ في سِفرِ المجد
 
(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) .. تخليدٌ في سِفرِ المجد

عندما نتأمل وقت نزول هذهِ الآية الكريمة وملابسات ما جرى قبلها نلمَس معنىً غزيرًا رائقًا؛ وهو مكانة أولياء الله عنده تعالى، ورعايته تبارك وتعالى لقلوبهم وتسليته لهم.

فهذا رسولُ الله صلى الله عليـه وسلم في صلحِ الحديبية يأمرُ عليًّا رضي الله عنه أن يكتب في صحيفة الصلح: "هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو"، فينبري سهيل موفد قريش قائلًا: "والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولكن اكتب محمد بن عبدالله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: "امْحها يا علي، واكتب محمد بن عبدالله"، فقال علي رضي الله عنه: والله لا أمحها[1] أبدًا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: هاتها يا علي، فمحاها بيده عليه الصلاة والسلام[2].

والذي يُقال هاهنا: اللهُ أعلمُ بما اعتمل في صدرِ نبيِّه صلى الله عليـه وسلم من الحزنِ والكَدَر جرَّاءَ مواقف قريش المخزية المتكررة، ونلمحُ تلك النبرة الشريفة في كلمته صلى الله عليـه وسلم: "والله إنِّي لرسول الله، وإن كذَّبتموني"[3]، ليُنزل العليمُ الخبير عليـه آية الفتح ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ [الفتح: 1، 2]، مبشِّرةً بالفتحِ العظيم، حتى قال رسول الله صلى الله عليـه وسلم: "لقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هي أَحَبُّ إلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا"[4].

ليأتي في خِتامها تخليدٌ للحقيقةِ التي جحدتها قريش "محمدٌ رسولُ الله"، قرآنًا يُتلى إلى يومِ القيامة، وإن أبت قريش تحريرها في صحيفة الصلح.

الفائدة العَقَدِيًة التربوية:
إذا علِمَ المرء أن الله عزوجل هو العليمُ الخبير؛ الذي يعلمُ السِّرَّ وأخفى، والوليُّ الحميد الذي يتولى عبادَه وأولياءهُ المتقين، وأنَّهُ أرحمُ الراحمين سبحانَهُ وتعالى، فإنهُ أحرى أن تخِفَّ وطأة أحزانِهِ وهمومِ دنياه، وأدعى لأن يحسُنَ منهُ الصبرُ الجميل على لواءِ هذهِ الدار الفانية وكَبَدهُ فيها. كما قال العبدُ الصالح وهو يولِّي ظهرهُ لفلذة كبدٍ استبشرَ به على كِبَر، انصياعًا لأمرِ ربِّهِ العظيم الجليل؛ - إبراهيم عليـه السلام-: ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [إبراهيم: 38].

فخلَّدَ الكريمُ ذِكرَهُ في أعظمٍ سِفرٍ عرفتهُ البشرية؛ قرآنًا يُتلى إلى يومِ الدين ..
وكما قال العبدُ الصالح يعقوب حين فقَدَ قُرةَ عينِهِ يوسف - عليهما السلام-: (﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 86].

فخلَّدَ الكريمُ ذكراهما في هذا الكتاب العظيم ..

وكما قالت أُمُّنا العفاف الحَصَان في حديثها الممتلئ شجونًا:
".. قَالَتْ: وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ، فَقُلتُ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ -واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ- لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ -واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ- لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ علَى فِرَاشِي وأَنَا أرْجُو أنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ، ولَكِنْ واللَّهِ ما ظَنَنْتُ أنْ يُنْزِلَ في شَأْنِي وحْيًا، ولَأَنَا أحْقَرُ في نَفْسِي مِن أنْ يُتَكَلَّمَ بالقُرْآنِ في أمْرِي، ولَكِنِّي كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ، فَوَاللَّهِ ما رَامَ مَجْلِسَهُ ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ، حتَّى أُنْزِلَ عليه الوَحْيُ "[5]؛ فخلَّدَ العظيم تبارَك وتعالى براءتها في قرآنٍ مجيدٍ يُتلى إلى يومِ الدين: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ﴾ [النور: 11].

ليستقر في خَلَدِ المؤمن أن بوَّابة الحلول الناجعة والشفاء التام لما في الصدور، إنما يكونُ بالتوجُّه الصادق إلى الله العليمِ الخبير، القدير على كشفِ الضُّر والسوء، وإحلال العافية مكان الآلام. فذلك خيرٌ من أن يكون ديدن المرء التشكي؛ فهو لا يفتأ يشكو ربَّهُ إلى كل جليس، عاتبًا ناقمًا متسخطًا على كلِ قَدَر[6]، ناسيًا أو غافلًا عن أن للضراءِ عبوديةً تتعلقُ بها كما للسراءِ ألوان العُبوديات، وإنما الواجبُ عليه أن يفقه ذلك ويُحسن التعاطي مع أحوالٍ وتقلُّباتٍ تعتري حياته.

يقول ابن القيم رحمهُ الله: "الحكمة من ابتلاءِ الله لعبدهِ بالمحن، إن الله تعالى لم يبتله ليُهلِكه، وإنما ابتلاهُ ليمتحنَ صبرَهُ وعُبوديَّته، فإن لله تعالى على العبد عبوديَّةٌ في السرَّاء، ولهُ عليهِ عبودية فيما يكره كما له عليه عبودية فيما يُحب، وأكثر الخلق يُعطون العبودية فيما يحبون، والشأنُ في إعطاءِ العُبودية في المكارِه، ففيهِ تفاوتت مراتب العباد، وبحسبهِ كانت منازلهم عند الله تعالى"[7].

ليس هذا فحسب، وإنما جاءت البشارة بالفتح المبين في هذهِ السورة الكريمة، فتلتها سورةٌ عظيمة أخرى تحملُ بشارةً أخرى يوحيها علم المناسبات بين السور، وهي أن بيوتَ النبي صلى الله عليـه وسلم بمن فيها بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسـلم وأزواجُهُ من بعده، هي مآرزُ الفتوح وموئلُ العلمِ والنور؛ كما قال ربُّنا: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ﴾ [الأحزاب: 34].

فاجعل هُجيرَاكَ حمد الله على كلِ حال، فأنتَ من أمةٍ نعتُها "الحمَّادون" ..

[1] وفي لفظ "لا أمحوكَ أبدًا".

[2] أخرجه الشيخان.

[3] رواهُ البخاري.

[4] رواهُ مسلم.

[5] رواهُ البخاري.

[6] خلا استشارة الأمين ذا اللب، كما فعل رسولُ الله صلى الله عليه وسـلم في حادثة الإفك. وخلا التحدث لمن بيدهِ أخذ المظلمة إخبارًا بما جرى ووقع. وخلا البوح لصديقٍ وفي طلبًا للنصيحة.

[7] الوابل الصيِّب.

حلا ليالي 11-21-2021 10:24 AM

رد: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) .. تخليدٌ في سِفرِ المجد
 
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك

عيسى العنزي 11-21-2021 11:20 AM

رد: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) .. تخليدٌ في سِفرِ المجد
 
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

SAMAR 11-21-2021 12:57 PM

رد: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) .. تخليدٌ في سِفرِ المجد
 
بارك الله فيك على الموضوع القيم
والمميز وفي انتظار جديدك الأروع
والمميز لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب

قصايد 11-21-2021 07:52 PM

رد: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) .. تخليدٌ في سِفرِ المجد
 
https://2.bp.blogspot.com/-PreHg1ql-...600/245729.gif

توت احمر 11-22-2021 04:22 AM

رد: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) .. تخليدٌ في سِفرِ المجد
 
جزاگ اللهُ خَيرَ الجَزاءْ..
جَعَلَ يومگ نُوراً وَسُرورا
وَجَبالاُ مِنِ الحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحورا
جَعَلَهُا آلله في مُيزانَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآ عَطآئُگ€333388880000

imported_ريآن 11-22-2021 11:28 AM

رد: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) .. تخليدٌ في سِفرِ المجد
 
[align=center][tabletext="width:90%;background-image:url('http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwaml.com_1400844232_619.gif');"][cell="filter:;"][align=center][align=center][tabletext="width:80%;background-image:url('http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwaml.com_1376654733_747.gif');"][cell="filter:;"][align=center][align=center][tabletext="width:70%;background-image:url('http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwaml.com_1376653080_319.gif');"][cell="filter:;"][align=center]




جزيتم الجنان
ورضى الرحيم الرحمن
أدام الله سعادتكم
ودمتم بــ طاعة الرحمن

ريان



[/align][/cell][/tabletext][/align][/align][/cell][/tabletext][/align][/align][/cell][/tabletext][/align]

الدكتور على حسن 11-22-2021 04:51 PM

رد: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) .. تخليدٌ في سِفرِ المجد
 
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـــا
من موضوع غاية فى الروعة
والجمـال والاستفـادة القيمة
ربنا يسعدك ويبارك فيــــــــــــك
يااااااااااااارب
لكم خالص
تحياتى وتقديرى وحبى
الدكتـــور علـــى


ساعة الصفر 11-22-2021 07:50 PM

رد: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) .. تخليدٌ في سِفرِ المجد
 
جزاك الله خيراً
و جعله في ميزان حسناتك
دمت\ ى بسعاده

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯) 11-25-2021 08:03 AM

رد: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) .. تخليدٌ في سِفرِ المجد
 
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ونفعنا الله وإياك بما تقدمه


الساعة الآن 09:16 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2025, hyyat

الموضوعات المنشورة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع انما تعبر عن رأي كاتبها فقط