أردت مدح صديق لي شاعر فأسرجت قلمي وأمسكت بعنانه لأعلو صهوته فاستعصى علي وجعل يجول يَمنة ويَسرة ويشول بذنبه ويضرب به شمالا ويمينا ويرفع رأسه لأعلى في حرون عجيب، وأنا في ذلك كله آخذ بلجامه وأشد من عزمي لأسوسه وأروضه، حتى إذا سكن أركبته بناني لأخيضه ثبج أحد هذه البحور، فما عرضته على بحر إلا جفل وطرحني من على ظهره، فما كان مني إلا أن تركته وأرخيت لجامه، فولى لوجهه كبرق شق السحاب، وقلت: كيف تفعل ذلك والعاطفة باردة برودة هذا الشتاء أو أشد..؟! ثم مضيت وأنا أريد كتابة الشعر؛ إذ أحسست أن قرصه في مغيب، فقلت: أقتبس أبياتا من نوره قبل هبوطه أستدفئ بها وأستصبح، فاسترقت بعضها منه في خلسة ولم يبد لي من قرصه سوى حاجبه، فكانت مني الأربعة أبيات في العربية التي نشرتها أمس، فكتبتها وعلمت أن الشعر إنما أهدانيها لأجل أمه الرءوم، ثم ذهب ناحية المغرب واستقر، وها أنا أنتظر إشراقته.