فضفضة، أدرت نحوك دفتي، اثير حلم عندما كنتُ أرى أؤلئك الزهاد، في دور العباداتِ ركعا سُجدا، حقيقة كنتُ أغبطهم، كنت أنظر إليهم بإجلال. خاصة عندما يفسح الناس لهم المجالس والطرقات ليأخذوا مكانهم دون عناء ويقدموا في كل شيء على غيرهم. وأرى عامة الناس وخاصتهم ينصتوا ويستمتعوا بأحاديثهم ويهزوا رؤوسهم، قناعة بما يقولون، كنت أظن أنهم ملائكة تمشي على الأرض، كان يلفت نظري ملابسهم، وطريقتهم وأسلوبهم في الكلام. سنين طوال كانوا على هاته الطريقة المذهلة والملفتة للألباب. كانوا يتحدثون كثيرا عن الخير والشر، والجنة والنار. والحياة والناس، الى أكثر من ذلك في مسائل القضاء والقدر. دارت عجلة الساسة والسياسية وتحركت بسرعة هائلة بعد أن كانت هادئة وبطيئة، وتفاعل أؤلئك الزهاد مع تحركات الساسة والسياسة، ودسوا أنوفهم وفتواهم في عالم السياسة، وأقاموا فتن كان نائمة، وأطلقوا أقوالا وأحكاما على البشر لم تعرفها البشر من قبل، وقلبوا الأمور عما كانت عليه اشر تقليب، فشاء القدر أن يكشف الأقنعة عن وجوههم، فيظهر حقيقة ما كان يجول في صدورهم. وكأنها القيامة الأولى قبل القيامة الكبرى والبعث، فتبرؤوا من كل ما قالوا او فعلوا، ومن كل ما بدا للناس من سلوكهم الظاهري، كفروا مؤمنين كل الشرائع والمذاهب وآمنوا بكل من نسبوا له يوما الكفر، فذهبت مكانتهم ولم يعد الناس يؤمنوا أو يصدقوا كلامهم.
[IMG]https://www.lyaly-alomr.com/vb/signaturepics /sigpic122_1.gif[/IMG]