كانت يوم أحد حربًا على الإسلام والمسلمين ، وكانت يوم اليرموك حربًا على الكفر والكافرين .. أسلمت يوم فتح مكة ولم يسلم زوجها " عِكرمة بن أبى جهل " وخرج من مكة ، وذهب إلى اليمن بعد أن أهدر النبي ( دمه ، فجعلت تغدو إلى النبي ( وتطلب منه الأمان لزوجها ، فرقَّ النبي ( لحالها ، وأذن لها أن تدركه تبشره بالعفو ، فخرجت فى أثره وأدركته عند ساحل من سواحل تهامة وقد هَمَّ بركوب البحر ، فدمعت عيناها وأخذت تقول له : يا ابن العم جئتك من أوصل الناس وخير الناس ، لا تهلك نفسك وقد استأمنت لك رسول اللَّه ( فأمَّنكَ . فقال : أنت فعلتِ ذلك؟ قالت : نعم ، فقد كلمته فأمَّـنَك. فرجع معها " عكرمة " ، وأتيا النبي ( فلما انتهيا إلى باب المسجد أسرعت الخُطا ودخلت ، واستأذنت النبي ( فأذن ، فتقدم " عكرمة " فبايع النبي ( على الإسلام وعلى الجهاد . إنها أم حكيم بنت الحارث - رضى اللَّه عنها-، ذات الوفاء النادر للزوج ، والمعرفة الصحيحة بملكاته. فأحبتْ له الخير ، وسعتْ بينه وبين رسول اللَّه ( تستأمن له ، فأمّنه رسول اللَّه ) . وبذلك كانت سببًا فى إسلام زوجها ، فحسن إسلامه ، وجاهد فى اللَّه حتى رزقه اللَّه الشهادة فى موقعة أجنادين . تزوجت السيدة أم حكيم - رضى اللَّه عنها - بعد ذلك الصحابى الجليل خالد بن سعيد بن العاص - رضى اللَّه عنه - وقبل أن يدخل بها نادى منادى الجهاد أن استعدوا لقتال الروم ولكن فراسة خالد حدثته أنه مقتول غدًا - وفراسة المؤمن لا تخطئ ، فإنه يرى بنور اللَّه - فعرض على امرأته أن يدخل بها . فقالت : لو تأخرت حتى يهزم اللَّه هذه الجموع . فقال : إن نفسى تحدثنى أنى أقتل . قالت : فدونك . فأعرس بها عند القنطرة التي عُرفت بعد ذلك بقنطرة أم حكيم ، ثم أصبح فأولموا عليهما . فما فرغوا من الطعام حتى وافتهم الروم ، ووقع القتال فاستشهد خالد أمام عينيها ، فشدَّت أم حكيم عليها ثيابها وخرجت إلى القتال ؛ انتصارًا للدين وانتقامًا لمقتل زوجيها عكرمة وخالد وقتلى المسلمين ، واستطاعت أن تقتل بعمود الخيمة التي بنى بها خالد فيها سبعة من الروم ، ثم واصلت كفاحها ، فسطَّر التاريخ حياتها بأحرف من نور ، فرضى اللَّه عنها وأرضاها .