أفضل أيام الدنيا عشر ذي الحجة جعل اللهُ لعباده المؤمنين مواسمَ للتزود بالطاعة والقُرب منه سبحانه؛ حيث شرَّف بعض الأزمنة على غيرها، وبعض الأمكنة أيضًا على الأخرى؛ استزادةً في الطاعة، وتنافسًا في فعل الخيرات، ومن ذلك الأيامُ الفاضلة العشر الأوائل من شهر ذي الحجة الذي هو مِن الأشهر العظيمة، فخلاله يقصدُ حُجاج بيت الله الحرام الديارَ المقدسة لأداء شعيرة الحج، باشتياق بالغ وحرص زائد؛ طمعًا في المغفرة والثواب؛ حيث نجد في هذه الشعيرة الربانية اجتماعَ التشريفين المكاني والزماني، فالمكان هو تِلكم البقاع الطاهرة المقدَّسة بالمملكة العربية السعودية، والتشريف الزماني هو أداء مناسك الحج في أشهر مِن أشهر الله الحُرم، خاصة شهر ذا الحجة؛ حيث أقسم الله بالعشر الأوائل منه في كتابه العزيز؛ تأكيدًا لأهميتها والحرص على العمل الصالح فيها. فضائل عشر ذي الحجة إقسام الله تعالى بها في كتابه الكريم قال تعالى:﴿ وَالْفَجْرِ *وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1 2]. الإكثار من صلاة النوافل والتهجد بالليل، وصيام التطوع، خاصة يوم عرفة بالنسبة لغير الحاج، فإن أجر صيام ذلك اليوم عظيمٌ عند الله تعالى؛ حيث يُكفر الذنوب والسيئات، ويَمحو الآثام والمعاصي. الإكثار من الصدقات التطوعية، وتفقُّد أحوال المساكين والمُعوِزين، وعيادة مرضى المسلمين، وإدخال السرور على المستضعفين، خاصة أن آخر هذه العشر هو يوم النحر؛ حيث تعمُّ الفرحة لدى المؤمنين؛ فيُستحب إغناء الفقراء والمساكين عن ذلِّ السؤال في هذا اليوم، وإشعارهم بالأنس والتضامن. الإكثار من ذكر الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: إن هذه الأيام المجيدة يَعظُمُ فيها ذكر الله تعالى وتوحيده وتسبيحه؛ حيث ورد في القرآن الكريم - خاصة سورة البقرة وسورة الحج - آياتٌ عديدة تحث على اغتنام هذه الأيام الفضيلة بذكر الله تعالى، وترسيخ معنى التوحيد في النفوس، وقد اقترنت فريضة الحج بإقامة ذكر الله، واستحضار عظمة الخالق عز وجل، فهو المستحق للعبادة على أكمل وجه، والمغزَى من العبادات كلها هو الخضوعُ لله وإقامة ذكره، والشعور بالذِّلة والافتقار له، كما الشأن في فريضة الحج، يأتي الحجيج بلباسٍ يُشبه أكفان الموتى في افتقار تامٍّ لله تعالى، تنتفي كل الفوارق الاجتماعية، ويتَّحد الهدف، ألا وهو تلبية نداء الله تعالى على لسان إبراهيم الخليل عليه السلام.28]. فجدُّوا واجتَهِدوا في هذه الأيَّام، واحذَرُوا المعاصي والآثام؛ لأنَّ المعاصي تحرم المغفرة في موسم الرحمة، فكما أنَّ المعاصي سبب البعد والطَّرد من رحمة الله وخيره وبركته، فإنَّ الطاعات وسيلة القرب والرضوان وتحقيق الآمال، فالغنيمةَ الغنيمةَ بانتِهاز الفرصة في هذه الأيَّام العظيمة، نسأَلُ الله أنْ يُوفِّقنا أنْ نقدِّم في هذه الأيَّام أعمالاً صالحة . تحياتى