أن تبني مجدًا بكلمة ، أن تُحيي أمة بإشارة . يأتيك الشاب في زهرة شبابه ، فتتراءى لك في عينيه آيات الألمعية ، ومخايل النبوغ ، وأمارات الذكاء ، تلقي عليه الكلمة ، فلا يفتأ يذكرك بها حتى يلقى الله ، إنه التوفيق ! كم من قائل : إنما نفعني الله بكلمة من فلان ، وما كلمة فلان ؟ كلمة ربما قالها على غير ما استحضار لتأثيرها ، وكأن بذرة سقطت من يدك فرعاها الله حتى أثمرت وأينعت ! في فترة فتوَّته يتعطش الشاب للكلمة .. للتوجيه ، هذا هو موسم البذر ، هذه الأرض الصالحة ، فبذرة اليوم هي شجرة الغد ، ويد اليوم الطريَّة هي اليد التي تكافح غدًا ! ما أسف صاحب موهبة على شيء كذكراه أن كان بإمكانه في يوم ما أن يكون شيئًا ، أو أن يكون أعظم منه اليوم ، غير أنه قد عدم المساعد ، وفقد الموجه الحصيف ! كم ذا تلقى من أصحاب المواهب اللامعة بعد أن تزحمه مشاغل الحياة يلتفت إلى ماضيه ، فيتنهد ، أواه لو وجدت في ذياك الزمن من يشد بيدي ، أواه ، إذن لكنت وكنت