( الناس متهيئون للإيمان ولكن ينقصهم من يكشف لهم عن أماكنه ) نعم ، ما أكثر المتهيئين ، وأحوجهم إلى أولئك الحذاق الكاشفين .. الكلمة التي تغير مسار الحياة لا يلزم أن تكون محاضرة ، أو سلسلة دروس ، ما يدريك ؟ قد تكون كلمة تلقيها في كشتة برية ؟ في جلسة عشاء ؟ ذات سَمَر في ليلة شاتية ؟ يجلس أمامك شبيبة أطهر من ماء السماء ، تشعر بشغف في أعينهم لحروفك ، تحس باللهفة والتوق للكلام تلقيه ، من يدري ، أي كلمة تصنع أمة ؟ أي حرف ينهض بجيل .. كأنَّ الكلام قد جرَّ بعضه بعضًا ، وجماع المراد : من أحيا أرضًا ميتة فهي له ، ما أكثر الأرواح الظمأى المتعطِّشة ، كم من موهبة طمرتها الأيام ، وساقٍ اعوجَّ إذ لم يجد المساند ! كان ابن جماعة يقول : ( كنا إذا رأينا في صبي نباهة ألقينا عليهِ شِباكنا ، فلا نخرجه إلَّا عالمِاً أو متعلمًا ) عن الأيقاظ لدى كثرة الرُّقود ، عن أصحاب “الشِباك” البيضاء أتحدَّث !