يقولون إن من البيان لسحرًا حينما يسمعون حديث خطيبٍ مفوهٍ.. أو يقرأون نص أديبٍ فذٍّ.. فماذا أقول حينما أرى نفسي أتقلد حلةً من البهاء!! على شاطئ بحر ليالي العمر ساقتني خطاي أتلمس ثاني أيامي في الديار .. أمواج بحر الظهيرة الهادئة تتكسر على تلك الصخور المثلومة!! وشجرة الجوز أمامي أغصانها تتملق الهواء وتسايره طواعيةً كشقيقاتٍ يحملهن الحنين إلى الأمان!! فتاةٌ تقبل أول مرة أراها تحمل قيثارتها وحقيبة يدٍ كبيرةٍ.. تعزف لحنًا هدَّأ روع الأمواج وأسلم الصخور من كثرة العناق!! تعالى للسماء ليمشط أغصان الجوز ويرتبيها ويفكها من ضجر الحنين ويخبرها أن اللقاء قريب!! وأنّ غريب الأمس أضحى في ديار الأحبة!! السحب تسكن السماء وتحرر الأرض من وهج الشمس!! توقف العزف .. وامتدت يداها لحقيبتها أخرجت لوحها وريشتها وعلبة الألوان.. كان عزف القيثارة إيذانًا ببداية الجمال ولكن هناك جمالٌ آخر سيطل ويبقى له الخلود جمال تراه العين وتتوه في فتنته الروح وتعبر عنه الألوان.. بدأت الخطوط تتشكل.. الألوان تتمازج وتختلط أرواحها لترسم إنسان!! عادت الأمواج لطيشها حتى تنعم برؤية الفتنة والأغصان تتراقص من فرط الشوق وعيناي تسترق النظر لتتأمل التفاصيل!! حتى الشمس حضرت بعد أن بكت للهواء ليبدد السحاب عنها وتحظى بالجمال!!.. انتهى المشهد سريعًا بقدر جماله!! فاللحظات الجميلة تمر سريعًا أو هكذا نتوهمها.. عادت لحمل قيثارتها وألوانها وقدمت لي لوحتها بابتسامة ترحيب تقبلتها شاكرًا مزهوًّا استلقيت تحت ظلال الجوز أسمع آهات الماء ونحيب الصخور!! أفتح صفحات أيامي التي يسكنها إنسان أسمع أنفاسه وأرى عينيه وأرى الوجود به أجمل.. عازفة القيثارة شكرًا لك كل هذا الجمال يافتاة الرافدين :1990_11170784723: