تحميل كتاب صوفيا pdf "كنت أجلس بين يدي موتها، وألون أضلاعي بفنائها الأخير، وأصفق بشجن مزور أعمى، حتى ينتهى موتها تماماً، عندها، أكنس أحلامها اليابسة، وأسحقها في قعرٍ نحاسي صلب، وأذرها على السفح المخذول من العمر، وأمضي.. هكذا اتفقنا، من دون أن نتحدث، هي ملاح وافق على الموت، ويفتش لنفسه عن حالة تليق بموته، ومن أجل ذلك أختلق أنا معها حالة حب عابرة، مذهولة، عمرها أيام أو أسابيع، لا فرق، المهم أن تكون حالة تامة، لا ينقصها شيء أبداً. إن الحياة دأبت على أن تكون ناقصة، وفعل النقص فطرة غالبة عليها، ولا يوجد إنسان ربما تذوق حالة تامة، مطلقة التمام، أبداً. تتأملني بعينين وسّعهما الألم المقيم فيهما منذ أشهر، وأتأمل في المقابل وجهها ذلك الذي يشي بالنقاء البكر، قبل أن يفتضّه الوهن ليبقى أشلاء نقاء. كل الإرهاق ذلك الذي تقع عليه عيناني مبررٌ بالتعب إذاً، وهو جليٌّ لعيني أنيمي مثلي، مهما اتخذت من زينتها الكثيفة ما تخفي به ذلك الشحوب المتصاعد، وتقمع تلك الصفرة تلك التى تنهب جلدها بدأب، وتعلنها منطقة موبوءة بالجفاف، مقفرة من الضوء: الآن أنا حائر ومشفق، أعقد ذراعيَّ أمامي حينما لا أدري ماذا أفعل بهما، أجرب أن أخلق ملامح تناسب الإطار الكئيب للصورة، هي تلك التى لتوها أفاقات من إغمائها، في تلك الشقة البيروتية الكبيرة، على حد الشاطئ، ذات الشرفة الكبيرة تلك التى تستقطب باقتداء، كل أفق البحر". عند مواجهة موت الأحبة يصبح الإنسان أكثر شفافية، وأكثر تأملاً، وأكثر مقدرة على فلسفة الأمور، وأكثر تعمّقاً في اكتناه معنى الحياة. شعرة فاصلة بين الحياة والموت تغدو لدى محمد حسن علوان دهراً، وتجربة يتناول تفصيلاتها بأسلوب مزهل يكشف عن مدى عمق الأخدود ذلك الذي حفره داخله مرض صوفيا تلك تلك التى عشقها والتي أضحت شقتها القائمة على شاطئ بيروت ملاذ فؤاده. يمضي الكاتب في استدراج تأملاته الفلسفية المنسابة حيناً من تجربته الحياتية وبين حين وآخرً من وحي وصفياته لصوفيا تلك التى تعيش قصتها العاطفية معه بنفس الوقت ذلك الذي تعايش فيها اللحظات الأخيرة لعمرها الآفل ذلك الذي حدد لها الأطباء حينه. حمل من هنا المصدر تحميل كتاب صوفيا