شاعر ليالي العمر صدى الحرمان يتربع على كرسي الاعتراف فأهلا وسهلا به

[صدى الحرمان]

أنا رجلٌ بسيط ٌ جداً ..

تتلمذتُ كـ غيري تماماً في مدارس بسيطة ..

نشأتُ في أسرةٍ أحبّت الثقافة َ جداً ..

بينَ أبٍ يعشقُ الشعر ..

وأم ٍ " أميةٍ " ظلت تـُحاولُ حتى أتقنت القراءة ..

وكـ ذلكَ تلعثمَتْ كثيراً حتى بدأت تتقنُ الكتابة ..

وحثـّتنا كثيراً على التعلم والارتقاء بـ العِلم ..

كـ ذلكَ أخي الأكبرُ فـ هوَ كاتبٌ رائع ..

وأختـّيَ إحداهنّ كاتبة ٌ والأخرى فنانة ٌ تشكيلية ٌ ومصممة ..

وأخي الذي يكبُرُني بـ عامين ِ عاشقٌ لـ الفلسفةِ وعلم النفس ..

ومَنْ يَصغـُرُني بـ ثمانيةِ أعوام ٍ شاعرٌ وكاتبٌ أيضاً ..

إذاً ترتيبي في العائلةِ قبلَ الأخير ..

عشقتُ الشعرَ منذ صغري ..

وكلّ شيءٍ لهُ نغمة ٌ موسيقية ٌ أو تناغم ..

عكفـْتُ على القراءةِ كثيراً ..

أدمنتُ السهرَ - حتى في أيام الدراسةِ - لـ أقرأ ..

ثمّ أدمنتـُهُ لـ أقرأ وأكتب ..

في المرحلةِ الابتدائيةِ شاركتُ في مسابقةٍ شعرية ..

خرجتُ منها خاليَ الوفاض ِ تماماً ..

وبُهرتُ بـ المستوى الشعريّ في بقيةِ المدارس ..

لم تكُنْ هذهِ نكسة ٌ بـ النسبةِ لي ..

بـ قدر ِ ما كانت دافعاً لـ أصبحَ أفضلَ وأتطوّر ..

ساعدني الوالدُ في هذا الأمر دونَ علمه ..

حيثُ عرّفني على شخصيةٍ أثرَتْ بي كثيراً ..

كانَ هذا هوَ الشاعر " إبراهيم خفاجي " أسعدهُ الرحمن ..

ثمّ تطوّرَتْ علاقتي بـ الشعر ِ كثيراً بعدَ اعتكافي محرابَ السهر ِ :

لـ قراءةِ جدّنا " المتنبي " ..

ثمّ المتنبي وشرحُ قصائده ..

ثمّ اعتزلتُ كثيراً قراءة َ أيّ شيءٍ سوى الجاحظ ..

خاصة ً البيان والتبيين ..

حيثُ ختمتهُ مئاتَ المراتِ دونَ أن أفهمَ منهُ سوى النصف ..!

وكلما زادت صعوبة ُ الفهم ِ كما زدتُ إصراراً ..

في المرحلةِ المتوسطةِ - نهايتها تحديداً - شاركتُ في :

نشاطاتِ الجماعات الأدبيّة ..

ولـ الأسفِ لم أجد فائدة ً تـُذكر ..

فـ أهملتُ كثيراً وتيرة َ قراءتي ..

وقلـّتْ رغبتي في التطوّر ..

ومكثتُ على هذا سنينَ عدداً ..

وحينما أكملتُ عامي الثاني في المرحلةِ الثانوية ..

بدأتُ بـ العمل والدراسةِ في وقتٍ واحد ..

وتدهورَ مستوايَ الدراسيّ كثيراً كثيراً ..

فـ بعدَ أنْ كنتُ منَ الأوائل ِ أصبحتُ مهملاً جداً ..

ونسيتُ أمرَ الكتابةِ والقراءة ..

وتخرّجتُ بـ مستوىً هزيل ٍ حطمني تماماً ..

حينها لم أجد بُداً منَ السفر ..

والدراسة َ خارجَ فلسطين

في مصر تحديداً ..

وحينها وفي أول ِ أجازةٍ أقضيها مع أهلي ..

عرّفني والدي على شخصيةٍ مهمةٍ جداً ومؤثرة ..

وغنيةٍ بـ المعرفةِ والإبداع ..

ومهما قلتُ لن أفيها حقها ..

هذا الرجلُ غيّرَ ملامحَ حياتي تماماً ..

بل جعلني نهماً ومُكبّـاً على القراءةِ والشعر ..

لن أ ُفصحَ عنهُ " رحمهُ اللهُ تعالى " ..

وكم كانَ فقدهُ مصيبة ً لـ الشعر ولـ جَمْع ِ الأدباءِ عامة ..

في تلكَ الأثناءِ كنتُ أملكُ منتدىً أدبياً رائعاً ..

مُسمّاهُ " مكانُ إقامتي الآن " ..

وفي تلكَ الأثناءِ أيضاً لم أكملْ دراستي الجامعية ..

وفي تلكَ الأثناءِ أيضاً لم تشأ الأقدارُ فـ أغلقنا أبوابَ الموقع ..

وفي تلكَ الأثناءِ أيضاً اتجهتُ اتجاهاً كاملاً لـ القراءة ..

ولـ الأدباءِ الغربيين ..

وفضّلتُ كلّ ما فضّلهُ مُعلمي رحمهُ الله ..

وحاولتُ وسقطتُ كثيراً ..

لم يكُنْ حبي لـ اللغةِ مهنة ..

بـ قدر ِ ما كانَ هواية ً ومتعة ..

متعة ٌ بينَ معرفةِ أسماءٍ رائعةٍ ومشهورة ..

لا تنفعكَ شهرتها إذا لم تستغلها بـ التوجيهِ والأرشاد ..

ولا تضرّكَ إن أهملتها ..

ومتعة ٌ حينَ تجدُ في نفسكَ شخصاً مُؤتمناً :

على تراثٍ بدأ يتضعضع ..

وتتهالكُ أطرافهُ ويكادُ يسقط ُ بنيانه ..

لا أحبّ الحديثَ عن نفسي ..